تُعتبر فترة التجربة مرحلة حساسة في العلاقة التعاقدية بين العامل وصاحب العمل، حيث يتم خلالها تقييم الالتزام الوظيفي والانضباط قبل تثبيت العقد بشكل نهائي. ويطرح الكثير من الموظفين تساؤلات مهمة حول الغياب في فترة التجربة، ومدى تأثيره على استمرار العمل، وهل يحق لهم الحصول على رصيد إجازات في فترة التجربة أم لا.
في هذا المقال من مدونة فقرة قانونية نوضح حكم الغياب خلال فترة التجربة وفق نظام العمل السعودي، والفرق بين الغياب والإجازة، ومتى يحق لصاحب العمل إنهاء العقد بسبب الغياب، مع توضيح حقوق العامل ونصائح قانونية لتجنب الوقوع في المخالفات.
ما هي فترة التجربة في نظام العمل السعودي؟
فترة التجربة هي مدة محددة يجيز فيها نظام العمل السعودي لكل من العامل وصاحب العمل تقييم العلاقة التعاقدية قبل تثبيتها بشكل نهائي. ويشترط النظام أن يتم النص صراحةً على فترة التجربة في عقد العمل، وألا تتجاوز مدتها 90 يومًا، مع جواز تمديدها إلى 180 يومًا بشرط موافقة العامل كتابةً.
وخلال هذه الفترة، يكون عقد العمل أكثر مرونة من حيث الإنهاء، ويُتوقع من العامل الالتزام بالحضور والانضباط الوظيفي لإثبات الجدية والكفاءة.
ما هو حكم الغياب في فترة التجربة؟
يختلف حكم الغياب في فترة التجربة بحسب سبب الغياب وطبيعته، وذلك على النحو التالي:
الغياب بعذر مشروع
إذا كان الغياب بسبب عذر مقبول مثل المرض المثبت بتقرير طبي أو ظرف قهري، فلا يُعد مخالفة تستوجب إنهاء العقد، خاصة إذا تم إبلاغ صاحب العمل في الوقت المناسب.
الغياب بدون عذر
أما الغياب دون عذر أو دون إخطار صاحب العمل، فيُعد إخلالًا بالتزامات العامل، ويمنح صاحب العمل الحق في إنهاء العقد خلال فترة التجربة دون تعويض، باعتبار أن الانضباط الوظيفي عنصر أساسي في التقييم.
وبالتالي، فإن الغياب خلال فترة التجربة قد يكون مقبولًا أو مخالفًا للنظام بحسب ظروفه وطريقة التعامل معه.
هل يحق لصاحب العمل إنهاء العقد بسبب الغياب في فترة التجربة؟
نعم، يحق لصاحب العمل إنهاء العقد بسبب الغياب في فترة التجربة إذا كان الغياب متكررًا أو دون عذر مشروع، أو إذا ترتب عليه إخلال واضح بواجبات العمل.
ويُعد الالتزام بالحضور والانضباط من أهم المعايير التي يتم تقييم العامل بناءً عليها خلال هذه الفترة. ولا يشترط نظام العمل السعودي توجيه إنذار مسبق للعامل عند إنهاء العقد خلال فترة التجربة، ما دام الإنهاء يتم وفق ما ورد في عقد العمل.
متى يكون إنهاء العقد بسبب الغياب غير نظامي؟
يكون إنهاء العقد خلال فترة التجربة غير نظامي في الحالات التالية:
- إذا كان الغياب بعذر مشروع مثل مرض مثبت بتقرير طبي.
- إذا حصل العامل على موافقة مسبقة من صاحب العمل على الغياب.
- إذا لم يكن هناك نص على فترة التجربة في العقد أصلًا.
- إذا تم الإنهاء لأسباب لا علاقة لها بالغياب وتم استخدام الغياب كذريعة.
في هذه الحالات، يحق للعامل الاعتراض والمطالبة بحقوقه وفق القنوات النظامية.
رصيد الإجازات في فترة التجربة في نظام العمل السعودي
يتساءل كثير من الموظفين عن رصيد الإجازات في فترة التجربة، وهل يحق لهم الحصول على إجازة خلال هذه المرحلة. ووفق نظام العمل السعودي، يحق للعامل التمتع بالإجازات بعد استحقاقها، ولا يمنع وجود العامل في فترة التجربة من احتساب مدة خدمته ضمن مدة العمل الكلية.
لكن في الواقع العملي، غالبًا ما تُنظم الإجازات خلال فترة التجربة وفق سياسة الشركة وبموافقة صاحب العمل، خاصة أن الهدف من فترة التجربة هو تقييم الالتزام الوظيفي.
الفرق بين الغياب والإجازة خلال فترة التجربة
لفهم حكم الغياب في فترة التجربة بشكل صحيح، يجب التمييز بين الغياب والإجازة:
- الإجازة: تكون بموافقة مسبقة من صاحب العمل أو وفق النظام، ولا تُعد مخالفة، ولا يجوز إنهاء العقد بسببها.
- الغياب: يكون دون إذن أو عذر مشروع، ويُعد إخلالًا بواجبات العمل، وقد يترتب عليه إنهاء العقد خلال فترة التجربة.
هذا الفرق الجوهري يوضح أن المشكلة ليست في عدم الحضور بحد ذاته، وإنما في غياب الموافقة أو العذر.
متى يُعتبر الغياب في فترة التجربة مخالفة تستوجب إنهاء العقد؟
يُعد الغياب في فترة التجربة مخالفة تستوجب إنهاء العقد إذا توافرت إحدى الحالات التالية:
- الغياب المتكرر دون عذر مشروع تكرار الغياب دون تقديم مبرر مقبول يدل على عدم الجدية والانضباط.
- الغياب دون إخطار صاحب العمل حتى لو كان السبب بسيطًا، فإن عدم الإبلاغ يُعد مخالفة تنظيمية.
- الغياب المؤثر على سير العمل خاصة في الوظائف التي تعتمد على الحضور اليومي أو فرق العمل.
- مخالفة سياسات الحضور المعتمدة في المنشأة إذا كانت سياسات الحضور واضحة ومعلنة للعامل.
في هذه الحالات، يكون إنهاء العقد خلال فترة التجربة نظاميًا ولا يترتب عليه تعويض.
نصائح قانونية للعامل لتجنب إنهاء العقد خلال فترة التجربة
للحفاظ على وظيفتك خلال فترة التجربة وتجنب الإنهاء بسبب الغياب، يُنصح بما يلي:
- الالتزام التام بالحضور والانصراف لأن الانضباط هو أول ما يُقيَّم خلال فترة التجربة.
- عدم الغياب إلا للضرورة القصوى ومع تقديم مبرر رسمي عند الحاجة.
- التواصل المباشر مع الإدارة في حال وجود ظرف طارئ أو صحي.
- معرفة سياسة الإجازات الداخلية وعدم افتراض وجود رصيد إجازات متاح دون موافقة.
- توثيق أي موافقة على الغياب سواء عبر البريد الإلكتروني أو الرسائل الرسمية.
اتباع هذه النصائح يقلل بشكل كبير من مخاطر إنهاء العقد خلال فترة التجربة.
أسئلة شائعة حول الغياب ورصيد الإجازات في فترة التجربة
هل الغياب يوم واحد في فترة التجربة يسبب إنهاء العقد؟
ليس بالضرورة، فإذا كان الغياب بعذر مشروع أو بموافقة صاحب العمل، فلا يترتب عليه إنهاء العقد. أما الغياب دون عذر فقد يعرض العامل للمساءلة حسب سياسة المنشأة.
هل يتم احتساب رصيد الإجازات في فترة التجربة؟
نعم، تُحتسب مدة فترة التجربة ضمن مدة الخدمة، لكن الاستفادة من الإجازة غالبًا تكون بموافقة صاحب العمل.
هل المرض يُعتبر غيابًا في فترة التجربة؟
لا، المرض المثبت بتقرير طبي يُعد عذرًا مشروعًا ولا يُعتبر غيابًا مخالفًا.
هل يحق لصاحب العمل رفض الإجازة خلال فترة التجربة؟
نعم، يحق له تنظيم الإجازات بما يتناسب مع مصلحة العمل، خاصة خلال فترة التجربة.
الخاتمة
في الختام، يتضح أن الغياب في فترة التجربة يُعد من أكثر الأسباب التي قد تؤدي إلى إنهاء عقد العمل في السعودية إذا كان دون عذر أو موافقة. وقد حرص نظام العمل السعودي على تحقيق التوازن بين مصلحة صاحب العمل في تقييم الالتزام الوظيفي، وحق العامل في تقديم الأعذار المشروعة والاستفادة من حقوقه النظامية، بما في ذلك رصيد الإجازات في فترة التجربة وفق الضوابط المعتمدة.
ولذلك، يُنصح العامل بالالتزام بالحضور والتواصل الواضح مع جهة العمل خلال فترة التجربة، لتجنب أي تبعات قانونية قد تؤثر على استمراره الوظيفي.
