يشكل التعويض عن الضرر أحد أهم المبادئ القانونية التي تهدف إلى إعادة التوازن وتحقيق العدالة بين المتضرر والمتسبب بالضرر، وقد أولى نظام المعاملات المدنية في النظام السعودي هذا الموضوع عناية خاصة، مستندًا إلى أحكامٍ مستمدة من الشريعة الإسلامية ومبادئ العدالة والإنصاف، ففي ضوء التغيرات الاقتصادية والاجتماعية برزت الحاجة إلى تنظيم آليات التعويض وتحديد شروطه ونطاق تطبيقه.
وتتناول هذه المقالة الأسس التي يقوم عليها التعويض عن الضرر وفق نظام المعاملات المدنية في النظام السعودي والمعايير التي تعتمدها المحاكم في تقديره.
مفهوم التعويض عن الضرر في القانون السعودي
يشير مصطلح التعويض عن الضرر في نظام المعاملات المدنية إلى الآلية القانونية التي تهدف إلى إعادة المتضرر إلى الحالة التي كان عليها قبل وقوع الضرر سواء كان الضرر مادياً أو معنوياً وخصوصاً ما قررته المادة 136 من النظام، ويُقر نظام المعاملات المدنية السعودي بحق المتضرر في المطالبة بالتعويض متى ثبت وقوع ضرر عليه نتيجة فعل غير مشروع أو تقصير من طرف آخر كما قررته المادة 120 من النظام، وطلب التعويض ليس ترفاً يطلبه المتضرر وإنما هو حق، وذلك استناداً إلى ما ورد من نصوص نظامية تحفظ حق المتضرر.
الأساس الشرعي والنظامي للتعويض عن الضرر في النظام القضائي السعودي
يرتكز مبدأ التعويض عن الضرر في النظام القضائي السعودي على أحكام نظام المعاملات المدنية، واعتمد القضاء السعودي على هذه النصوص كأساس لتقرير التعويض عند تحقق الضرر سواء أكان الضرر ماديًا أو معنويًا، مباشرًا أو غير مباشر، وقد يتبادر للذهن كيف يتم تقدير التعويض؟ جاء نظام المعالات المدنية مؤكداً على أن الأمر لقرار المحكمة.
ولكي يُقضى بالتعويض لا بد من توافر أركان المسؤولية الثلاثة:
- الخطأ: سواءً أكان عمداً أو ناتجًا عن إهمال أو تقصير.
- الضرر: يجب أن يكون ضررًا حقيقيًا ومُتحقق الوقوع.
- علاقة السببية: يجب أن تُثبت الصلة المباشرة بين الخطأ والضرر الواقع.
ونظام المعاملات المدنية وبعض الأنظمة الخاصة عالج مسألة التعويض، مثل:
- نظام العمل: فيما يخص التعويض عن الفصل غير المشروع.
أما تقدير مبلغ التعويض فيُترك لتقدير المحكمة، والذي يستند في حكمه إلى جسامة الضرر وملابساته، دون التقيد بمعايير محددة مما يجعل التقدير القضائي مرهونًا بظروف كل قضية على حده.
أنواع قضايا التعويض في الأنظمة القضائية السعودية
يتضمن النظام القانوني في المملكة العربية السعودية عدة أنواع من دعاوى التعويض تُرفع بحسب طبيعة الضرر ومصدره وتستند إلى الأنظمة المستمدة من أحكام الشريعة الإسلامية والأنظمة المعمول بها، وفيما يلي أبرز هذه الأنواع:
1. دعوى التعويض عن الضرر المدني
تُقام هذه الدعوى أمام المحكمة العامة عندما يتعرض شخص لضرر ناتج عن فعل غير مشروع كالإهمال أو الإخلال بالتزام تعاقدي، وتشمل الأضرار المادية مثل تلف الممتلكات، والمعنوية كالإساءة إلى السمعة، وتُبنى هذه الدعاوى على أحكام نظام المعاملات المدنية.
2. دعوى التعويض عن القرارات الإدارية
تُرفع أمام المحكمة الإدارية (ديوان المظالم) ضد الجهات الحكومية عند إصدار قرار يُلحق ضررًا غير مشروع بأحد الأفراد، ويُشترط لقبول هذه الدعوى أن يكون القرار نهائيًا وأن يُثبت المدعي وقوع ضرر مباشر نتيجة له، وتشمل الأمثلة على ذلك: المطالبة بتعويض عن فصل تعسفي من وظيفة حكومية، أو عن إلغاء ترخيص دون مبرر قانوني، أو نزع أرض لمصلحة عامة، وتبنى هذه الدعاوى على نظام المرافعات أمام ديوان المظالم.
3. دعوى التعويض التابعة للدعوى الجنائية
يُطالب فيها المجني عليه أو ورثته بتعويض عن الأضرار الناتجة عن جريمة مثل القتل أو السرقة أو الإصابة الجسدية، وتُنظر هذه الدعوى أمام المحكمة الجزائية ضمن إطار القضية الجنائية حيث تفصل المحكمة في الجريمة وفي طلب التعويض معًا ما لم يُقرر فصل دعوى التعويض وتحويلها إلى المحكمة المدنية المختصة، وتبنى هذه الدعاوى على نظام الإجراءات الجزائية.
4. دعوى التعويض العمالية
تنشأ نتيجة إخلال أحد طرفي العلاقة العمالية بحقوق الطرف الآخر وتنظر أمام المحكمة العمالية، وتشمل الحالات الشائعة المطالبة بتعويض عن فصل غير مشروع أو تأخر صرف الأجور أو الامتناع عن منح مستحقات نهاية الخدمة وغيرها من الحقوق المقررة للعامل بموجب نظام العمل.
شروط استحقاق التعويض عن الضرر في النظام السعودي
توجد مجموعة من الشروط اللازم توافرها وفق نظام المعاملات المدنية نوضحها بالآتي:
- ثبوت وقوع الضرر حيث لا يُعوض المتضرر إلا إذا ثبت وقوع ضرر فعلي، مادي أو معنوي يمكن تقديره.
- يشترط أن يكون الضرر قد وقع بالفعل أو من المؤكد وقوعه ولا يُعتد بالضرر المحتمل فقط.
- يجب أن يكون الضرر نتيجة مباشرة للفعل الضار دون تدخل عوامل خارجية.
- وجود علاقة سببية بين الفعل والضرر فلا بد من إثبات أن الضرر نتج عن الفعل الضار بشكل مباشر.
- أيضًا لا يُلزم المتسبب بالتعويض إلا إذا كان فعله مخالفًا للنظام أو تجاوز حدود الإباحة الشرعية أو النظامية.
- التمييز بين الخطأ والضرر المشروع حيث لا يُعد كل ضرر مستوجبًا للتعويض، فالضرر الناتج عن ممارسة الحق المشروع لا يُوجب تعويضًا إلا في حالات خاصة.
- كما يشترط ألا يكون المتضرر قد تنازل صراحة أو ضمنًا عن حقه في التعويض.
- يجب على المتضرر رفع دعوى أو تقديم طلب رسمي للمطالبة بالتعويض خلال المدة النظامية التي قررها نظام المعاملات المدنية.
- كذلك لا يجوز المطالبة بالتعويض إذا وُجد نص نظامي يمنع ذلك أو إذا كانت الدعوى مشمولة بحكم نهائي.
- إذا كان المتضرر قد ساهم بخطئه في وقوع الضرر فقد يُخفض التعويض بنسبة مساهمته.
متى يسقط الحق في التعويض عن الضرر في النظام السعودي؟
في إطار الحديث عن شروط التعويض عن الضرر وفق نظام المعاملات المدنية المرتبط بالقانون السعودي إليكم بعض الحالات التي قد يسقط فيها الحق في التعويض:
- الرضا بالمخاطرة (قبول الضرر): إذا ثبت أن المتضرر وافق طواعية على تحمل المخاطرة، فلا يحق له المطالبة بالتعويض.
- الخطأ المشترك: إذا ثبت أن المتضرر ساهم بخطئه في وقوع الضرر فقد يُخفض مقدار التعويض أو يُرفض كليًا حسب نسبة مشاركته.
- القوة القاهرة أو الحادث الفجائي: إذا كان الضرر ناتجًا عن سبب خارجي لا يمكن دفعه أو التنبؤ به (مثل الكوارث الطبيعية) فلا يُلزم الفاعل بالتعويض.
- انعدام العلاقة السببية: إذا لم يكن هناك علاقة مباشرة بين الفعل الضار والضرر لا يُعتبر الفاعل مسؤولًا.
- التقادم (مرور الزمن): في بعض الحالات إذا مضت مدة زمنية معينة دون رفع الدعوى يسقط الحق في المطالبة بالتعويض.
خطوات تقديم دعوى تعويض عن الضرر عبر ناجز
إجراءات رفع دعوى تعويض عن الضرر في ناجز:
- توجه إلى الموقع الرسمي ناجز وسجل الدخول باستخدام حساب النفاذ الوطني.
- من الصفحة الرئيسية اختر الخدمات القضائية ثم صحيفة الدعوى.
- اختر تقديم دعوى جديدة ثم حدد نوع الدعوى (المسؤولية الناشئة عن الفعل الضار).
- أدخل معلومات الأطراف بشكل دقيق بما في ذلك الأسماء وأرقام الهوية والعناوين.
- اذكر وصفًا دقيقًا للضرر الحاصل، أسبابه، وتاريخ وقوعه، مع توضيح الطلب (مبلغ التعويض أو الإجراء المطلوب).
- أرفق الأدلة الداعمة مثل تقارير رسمية، صور، شهود، أو أي مستندات تثبت الضرر.
- راجع البيانات المدخلة ثم قدم الدعوى حينها سيصلك إشعار بقبولها وتحديد المحكمة المختصة.
- تابع تطورات القضية من خلال حسابك في ناجز وكن على استعداد لحضور الجلسات إلكترونيًا أو حضوريًا.
المصدر: نظام المعاملات المدنية
ختاماً يمثل التعويض عن الضرر في النظام السعودي أداة قانونية هامة لتحقيق العدالة حيث يستند إلى نصوص نظامي مستمدة من الشريعة الإسلامية والقواعد الفقهية في تقدير الخطأ والضرر والعلاقة بينهما وتتنوع دعاوى التعويض بحسب نوع الضرر، بينما تلتزم المحاكم بشروط دقيقة للحكم به، وأصبحت منصة ناجز تسهل إجراءات التقاضي وتساعد في الوصول إلى العدالة.