من ضمن الركائز الأساسية التي يعتمد عليها النظام السعودي لتحقيق العدالة هو التعويض عن الضرر المادي، حيث يهدف إلى جبر الخسارة التي لحقت نتيجة فعل مضر او تقصير من الغير.
والقضاء السعودي يعطي هذا الأمر أهمية كبيرة لحماية الحقوق ورد المظالم مستندا بشكل مباشر إلى مبادئ الشريعة الإسلامية التي وصلت بحفظ وصون الحقوق وعدم إلحاق الضرر بالآخرين وأن يلتزم المتسبب بوقوع الضرر تحمل نتيجة أفعاله لـ خلق الإنصاف والتوازن في المجتمع.
التعويض عن الضرر المادي في القضاء السعودي
قبل التعديلات التي تم إضافتها للنظام القضائي السعودي كان التعويض يقتصر على الضرر المادي فقط دون النظر في الضرر المعنوي الذي يلحق بـ المتضرر وذلك لصعوبة قياس حجم الضرر المعنوي الواقع بدقة.
والتعويض عن الضرر المادي في القضاء السعودي هو تعويض الشخص المتضرر عن الخسارة المالية أو الفعل الذي ألحق ضرر بشكل مباشر ممتلكاته أو مصالحه المادية، ويعتمد القضاء السعودي في ذلك على مبادئ العدالة الشرعية التي تنص على أن من أتلف مال الغير فهو من ضامن له.
ويتم تحديد قيمة التعويض وفقا لحجم الضرر الفعلي الذي يمكن إثباته سواء كان ناتج حادث أو عقد أو تقصير من الغير كما يراعي القاضي ظروف الواقعة وأثرها على المتضرر خاصة من الناحية المالية وفقا للمادة 120 من نظام المعاملات المدنية.
من خلال هذا النظام يتم خلق حالة من التوازن بين الحقوق والواجبات وضمان عدم تلقي المتسبب الضر والهروب من المسؤولية بما يعزز حالة الثقة في عدالة القضاء السعودية ومحاولات الحكومة لحماية حقوق الأفراد والمؤسسات.
شروط التعويض عن الضرر المادي في القضاء السعودي
يستلزم التعويض عن الضرر في النظام السعودي تطبيق الأحكام التي نص عليها نظام المعاملات المدنية والتي عرفت المسؤولية المدنية التقصيرية بأنها كل خطأ سبب ضرر للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض.
ووفقا للمادة 121 من النظام يجب توافر بعض الشروط لصالح كل شخص متضرر بأنه إذا كان الفعل الضار ناتج عن شخص مخطئ فإن الضرر يعتبر ناشئاً عن ذلك الفعل مدام لو يوجد دليل على غير ذلك، وتكون الشروط الموضوعة عن تعويض الضرر في النظام السعودي كما يلي:
- يجب أن يكون هناك خطأ واقع من أحد الأشخاص.
- أن ينتج عن ذلك الخطأ ضرر لشخص أخر.
- يجب أن يكون هناك رابطة سببية مباشرة بين فعل المخطئ والضرر الذي لحق المتضرر.
- ألا تكون هناك ظروف قاهرة أدت إلى ارتكاب الخطأ ووقوع الضرر.
- يجب أن يكون الضرر ناتج عن خطأ الغير.
- ألا يكون الضرر ناتج عن حالة دفاع مشروعة عن النفس أو العرض أو المال.
- ألا يتجاوز المدافع عن نفسه الصدر الضروري لدفع الاعتداء.
- يجب ألا يكون الفعل الواقع من الشخص قد جاء لتفاديه ضررا أكبر محدقا به أو بغيره وهنا يتم تقدير التعويض المناسب من قبل المحكمة.
- يجب ألا يكون الضرر ناتجا عن قيام الموظف العام بمهامه الوظيفية بشرط أن يكون تنفيذ تلك المهمة إطاعة نص نظامي أو لأمور واجبة عليه أو يعتقد لـ مبررات مقبولة بأنها واجبه عليه وأنه راعى في عمله الحيطة والحذر.
للمزيد: شروط التعويض عن الضرر في القانون السعودي
متى يحكم القاضي بالتعويض
في حال كان الضرر واقع موافق للشروط السابقة التي تم ذكرها فإن التعويض عن الضرر المادي في القضاء السعودي يتم الحكم فيه من قبل القاضي في حال تم إثبات الواقعة بالدلائل المقدمة في الدعوى بأن هناك ضرر وقع بحق المدعي وأن هناك خطأ وقع من المدعى عليه.
مع ضرورة قيام الرابطة السببية ما بين الخطأ والضرر أي سبب مسؤولية المدعى عليه عن الضرر بحيث يكون الضرر ناتجا بشكل مباشر عن فعله وليس هناك أي ظروف قاهرة أو أسباب خارجية أثرت في وقوع الضرر أو كان المدعى سببا في وقوع الضرر بحق نفسه.
ويتم تقدير التعويض عن الضرر المادي عما لحق المتضرر من خسارة مادية عما فاته من كسب ولم يكن في مقدور المتضرر تفادي ذلك الضرر ببذل الجهد المعقول الذي تتطلبه ظروف الواقع من الشخص المعتاد.
أم الضرر المعنوى يتم تقديره تبعا لنوع الضرر المعنوي وطبيعته ولشخصية المتضرر فيما كان الضرر واقع على رجل أو امرأة أو طفل كما يمكن الاستئناس في ذلك بأحكام سوابق قضائية تعويض عن الضرر.
ويجب أن يتم رفع الدعوى القضائية خلال مدة 3 سنوات من تاريخ معرفة المتضرر بوقوع الضرر ومن هو المسؤول عنه حيث إن الدعوى لا يتم قبولها بعد إنتهاء تلك المدة كما أنه في جميع الأحوال لا يتم قبول الدعوى بعد مرور 10 سنوات من تاريخ وقوع الفعل الضار.
ويتولى القاضي تقدير التعويض عن الضرر بالاستعانة بأهل الخبرة وذلك لتحديد التأثير التقريبي الذي أحدثه الضرر على المتضرر ومستقبله، وبهذا نكون قد استعرضنا لكم كافة التفاصيل عن التعويض عن الضرر المادي في القضاء السعودي وفقا لنظام المعاملات المدنية.
