تعد سوابق قضائية في التعويض عن الضرر من أهم المرجعيات القانونية التي يعتمد عليها القضاة والباحثون القانونيون في المملكة العربية السعودية، حيث تمثل هذه السوابق تطبيقًا عمليًا لمبادئ الشريعة الإسلامية والأنظمة المعمول بها، مثل نظام المعاملات المدنية ونظام العمل وغيرها.
وفي هذا المقال المقدم إليكم من خلال مدونة فقرة قانونية، سوف نستعرض معكم مجموعة سوابق قضائية في التعويض عن الضرر بمختلف أنواعه وفقاً للقانون السعودي.
ما المقصود بالتعويض عن الضرر؟
يشمل التعويض عن الضرر كل ما يُمنح للشخص المتضرر نتيجة فعل غير مشروع، سواء كان الضرر ماديًا كإتلاف الممتلكات أو فقدان مصدر دخل، أو معنويًا كالتشهير أو الإيذاء النفسي. وتُظهر سوابق قضائية في التعويض عن الضرر أن القضاء السعودي يُلزم الطرف المسؤول بتعويض المتضرر بما يجبر الضرر كليًا.
وتنظم الأنظمة الجزائية والقانونية جوانب جبر الضرر، فمثلاً استقر الفقه القضائي على تعويض المضرور عن الإصابة أو فقد المتاع بنسبة “دية كاملة” إذا كان الضرر جسيمًا، وهو ما يتكامل مع مبدأ التعويض الكامل في نظام المعاملات المدنية.
علماً بأن المشرع وضع في المادة 125 عددًا من أسباب امتناع المسؤول عن التعويض (مثل القوة القاهرة أو خطأ الطرف المتضرر)، وينتهي الحق بالتعويض بانقضاء المدد المنصوص عليها (ثلاث سنوات من العلم بالضرر، ولا تزيد على عشر سنوات من وقوعه).
سوابق قضائية في التعويض عن الضرر
1. حكم قضائي بتعويض عن ضرر معنوي (100,000 ريال)
- المحكمة: محكمة الاستئناف الإدارية
- نوع الضرر: معنوي (نفسي)
- مقتطف الحكم: قضت المحكمة بإلزام المديرية العامة لمكافحة المخدرات في الرياض بتعويض المدعي مبلغ 100,000 ريال بعد أن ثبت تضرره النفسي جراء إساءة معاملة أثناء توقيفه. وأكدت المحكمة أنه لا خلاف في جواز التعويض المعنوي عندما ينشأ ضرر نفسي فعلي ثابت لدى المتضرر.
حكمت الاستئناف بدفع مائة ألف ريال كتعويض عما أصابه من ضرر معنوي. ويستند هذا الحكم إلى مبدأ المسؤولية التقصيرية المنصوص في نظام المعاملات المدنية ومبادئ الشريعة التي تحظر الاعتداء على الأشخاص.
2. حكم بإلزام جهة حكومية بتعويض مادي ومعنوي (10,000 ريال)
- المحكمة: محكمة الاستئناف الإدارية – فرع هيئة الأمر بالمعروف
- نوع الضرر: مادي (نفقات علاج) ومعنوي (إرهاق نفسي)
- مقتطف الحكم: ألزمت المحكمة فرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في إحدى المناطق بـدفع 10,000 ريال إلى أحد موظفيها على سبيل التعويض عما أصابه من أضرار مادية (تكاليف علاج في إثر حادث عمل) ومعنوية (معاناة نفسية بسبب طول التقاضي).
وذكرت المحكمة أن المدعي «تعرّض لضرر فعلي وتحمّل عناء نفسي في سبيل إثبات حقه، ولا وجه للاستمرار في التقاضي المرهق»، فاعتبرت مبلغ التعويض كافياً وعادلاً في ضوء ظروف القضية. ويعكس هذا الحكم تطبيقا لمبدأ التعويض الكامل كما تضمنه المادتان 136 و138 من نظام المعاملات المدنية، مع التقدير التقديري للضرر ومقدار العناء حسب تقدير القاضي.
3. حكم بتعويض ورثة عن فقد منافع مالية (1,140,000 ريال)
- المحكمة: محكمة الاستئناف الإدارية
- نوع الضرر: مادي (مالية/دية)
- مقتطف الحكم: صادقت المحكمة على حكم سابق بإلزام وزارة الصحة بدفع 1,140,000 ريال لصالح المدعين (ورثة موظف متوفى) تعويضاً عما فاتهم من منافع مالية (دية) بسبب قيام موظف طبي بمغادرة المملكة قبل انتهاء إجراءات التحكيم وصدور قرار بمنعه من السفر.
وفي حيثياتها، اعتبرت المحكمة أن خطأ وزارة الصحة (كيان مسؤول عن الموظف) تسبب في ضياع حق الورثة في استلام كامل المستحقات الشرعية، فتم تقدير التعويض بمبلغ الدية الشرعية (ناتج الهيئة الصحية). وعُدّ الخطأ خارج تغطية شركة التأمين، فتولت المحكمة تحميل الوزارة كامل مسؤولية التعويض. وهذا الحكم ينطلق من شرع «جبر الضرر الكامل» الذي يكفل للورثة التعويض المناسب عن ضرر مادي وخسارة كسب شرعية بالاستناد إلى نظام المعاملات المدنية.
4. حكم بتعويض أضرار ناشئة عن رش مبيدات (55,000 ريال)
- المحكمة: محكمة الاستئناف الإدارية
- نوع الضرر: مادي (خسائر ممتلكات وشعب نحل)
- مقتطف الحكم: أيدت المحكمة إلزام وزارة البيئة والمياه والزراعة بأن تصرف لمواطن يعمل نحالاً مبلغ 55,000 ريال تعويضاً عما لحقه من أضرار مادية جراء رش المبيدات دون إنذار مسبق. وثبت أن الإجراءات النظامية (الإعلان قبل الرش) لم تُطبق، مما أدى إلى تعريض 110 خلايا نحل للموت وتلف أكثر من 770 كغم من العسل. ورأت المحكمة أن النحال استحق دفع نصف قيمة الخلايا المحروقة (كما قدر خبير فني) ورفضت التعويض عن انخفاض أعداد النحل نتيجة وجود تقصير من المدعي في الحصول على ترخيص زرع.
وقضت بالتعويض مقدار 55,000 ريال كقيمة مادية لاضرار منحل مدعي الدعوى. ويعكس هذا الحكم التزام الهيئة الحكومية بتعويض الأضرار الناشئة عن إهمال تنفيذ الإجراءات الوقائية، استناداً إلى نص المادة 120 ونظام البيئة الزراعية، بما يحقق إصلاح الضرر كاملاً قدر الإمكان.
أهمية الاستناد إلى سوابق قضائية في التعويض عن الضرر
إن الرجوع إلى سوابق قضائية في التعويض عن الضرر يساعد المحامين والمتضررين على فهم توجهات القضاء، وتقدير فرص النجاح في الدعاوى، وتحديد نطاق المطالبة بالتعويض. كما تعزز من وضوح المسارات النظامية التي يمكن اتباعها.
اطلع على: قضايا متنوعة وجوانب متعددة تحت مظلة القانون.
أسئلة شائعة حول سوابق قضائية في التعويض عن الضرر
1. هل توجد سوابق قضائية لتعويض عن الأضرار المعنوية؟
نعم، كثير من السوابق القضائية في التعويض عن الضرر تتناول الأذى النفسي والسمعة.
2. هل يشترط وجود تقرير طبي؟
في حالات الضرر الجسدي أو النفسي، قد يُطلب تقرير طبي لإثبات الضرر.
3. ما المدة الزمنية لرفع دعوى تعويض؟
بحسب النظام، يجب رفع الدعوى خلال مدة أقصاها ثلاث سنوات من العلم بالضرر.
وختاماً، تؤكد سوابق قضائية في التعويض عن الضرر في السعودية على أن القضاء السعودي ملتزم بمبادئ العدالة ورد الحقوق. إذا كنت متضررًا، فإن فهم هذه السوابق يعزز فرصك في الحصول على تعويض عادل. لا تتردد في استشارة قانونية متخصصة لتقييم حالتك بناءً على هذه السوابق.
