يُعد الاحتيال المالي من أخطر الجرائم التي تهدد الأفراد والمجتمع، خصوصاً مع تزايد المعاملات الإلكترونية وانتشار الاستثمارات الوهمية والعروض المغرية عبر الإنترنت.
والوقوع ضحية احتيال ليس نهاية المطاف، بل هناك خطوات نظامية وقانونية يمكنك القيام بها لحماية نفسك واسترداد حقك، وبطبيعة الحال وبسبب عملية الاحتيال قد تخسر ولا ينفعك الإجراءات القانونية، ولكن لا يكن ذلك هو تفكيرك أول ما تقع العملية، بل افعل السبب والنتائج علم غيبي لا أحد يعلمها.
أولاً: التحقق والتوثيق:
لا تتسرع: قبل أي تصرف، اجمع كل الأدلة و الرسائل والمحادثات والإيصالات المتعلقة بالواقعة.
توثيق التحويلات: احتفظ بصور من الحوالات البنكية أو بيانات الدفع الإلكتروني.
تسجيل التفاصيل: دوّن التواريخ، الأسماء، وأرقام الحسابات التي استُخدمت.
ثانياً: الإبلاغ الفوري:
تواصل مع البنك: أبلغ البنك الذي أجريت من خلاله التحويلات ليتمكن من اتخاذ إجراء عاجل (إيقاف التحويل إن كان قيد المعالجة أو تتبع المبلغ).
الجهات الأمنية: قدم بلاغاً عبر تطبيق كلنا أمن أو مباشرة لدى مركز الشرطة.
النيابة العامة: في بعض الحالات يتم تحويل البلاغ مباشرة للنيابة للتحقيق في الجريمة.
ثالثاً: الإجراءات القانونية:
رفع دعوى: تستطيع التقدم بدعوى أمام المحكمة المختصة للمطالبة بحقك.
الاستعانة بمحامٍ: وجود محامٍ يساعدك في صياغة الدعوى ومتابعة القضية بشكل صحيح.
المطالبة بالتعويض: إضافة إلى استرداد المبالغ، يمكنك المطالبة بالتعويض عن الضرر النفسي أو المادي الذي لحق بك.
رابعاً: نشر الوعي والوقاية:
لا تشارك بياناتك المالية إلا عبر القنوات الرسمية.
تحقق من التراخيص قبل الدخول في أي استثمار أو مشروع.
الحذر من الرسائل المجهولة التي تعد بأرباح كبيرة وسريعة.
قصة واقعية:
أتى رجل إلى محامٍ منكسر النفس يطلب استشارة، ويقول: للتو تقاعدت من العمل بعد مسيرة امتدت 30 عاماً متنقلا بين الجهات والمدن، متحملاً أعباء الوظيفة مقصراً بحق نفسي وحق أبنائي لأجل اللحظة السعيدة بعدما أتقاعد وقد جمعت فيها مالاً وفيراً بالإضافة لما سأحصل عليه من مكافأة نهاية الخدمة.
بعد التقاعد، وردني إتصال من شركة يدعون أنهم مختصين في الاستثمار ونمو الأموال، فأصبحوا يتكلمون معي بكلام عجيب، فالأرقام والعوائد التي قالوها من هذا الاستثمار في فترة وجيزه تغطي كامل مسيرتي المهنية وما جمعته من أموال.
ولأجل يقنعونني في البداية معهم ولأجل أثق بهم طلبوا مني تحويل مبلغ يسير، وأخبروني بأن هذا المبلغ اليسير خلال أسبوع سيأتيك مضاعفاً، قمت بتحويل المبلغ لهم، وفعلاً بعد أسبوع رجع لي رأس المال مضاف له المبلغ الزائد، بدأت أثق بهم، ثم طلبوا مني زيادة المبلغ وخلال مدة سيحصل لك مثل ما حصل في المرة الأولى، قمت بتحويل مبلغ أكبر، وبعد مدة وجيزة رجع رأس المال مضافاً له الأرباح، وفي المرة الثالثة فعلوا معي نفس الأولى والثانية، وفي المرة الرابعة وقعت الكارثة!
قبل الإكمال: قد يتعجب القارئ كيف لهاؤلاء القدرة على الإقناع؟ الجواب بأن هؤلاء متمرسون في الكذب والاحتيال ومدربون على أيما تدريب على سرقة الأموال بطرق ذكية، حتى يصل الحال بالمحتال عليه أن يقول أشعر أني سحرت، وهذا القول لم يأت إلا بعد وقوع الكارثة.
نكمل: في المرة الرابعة وبعد ثقتي بهم بتحويل رأس المال والأرباح في كل مره، قالوا الآن يجب عليك أن تدخل معنا بملغ كبير لأجل أن تكون الأرباح كبيرة، أصبحت أفكر هل أدخل معهم بمبلغ أكبر مما دخلته في المرات السابقة أو أدخل بكل المبلغ الذي أملكه، وكل تفكيري هو المحصلة النهائية، أصبحت أفكر كيف هو حالي بعدما يأت مبلغ كبير جدا لم أحلم به طول حياتي في فترة وجيزة؟ وبسبب غرقي في التفكير وعيشي أحلام هذا المبلغ، قررت أن أدخل بكل ما أملك، كل مبلغ جمعته طوال السنوات، جميع مستحقاتي المالية من التقاعد، من مكافأة نهاية الخدمة والبدلات وغيرها من الحقوق، لم يبق في حسابي أي ريال، وكلي أمل أن يرجع بأرقام لم تخطر على بالي، قمت بتحويل المبلغ ووعدوني بأن الأرباح خلال فترة وعليك الإنتظار بحكم أن المبلغ كبير، أصبحت أنتظر يوما تلو الآخر، أتواصل معهم مراراً ولا يفارقون ذهني، لأن النتيجة إن حصلت سيتغير حالي رأسا على عقب، حتى استنزفوا كل طاقتي، وأصبحوا لا يردون على مكالماتي ولا رسائلي، ذهبت أموالي هباءً منثورا، كل ما جمعته كل ما حلمت به أصبح خيالا مُراً لا يستساغ، والآن أتيتك أيها المحامي أريد إرجاع حقي ولو القليل منه، إنتهى المطاف بالمحامي بالاعتذار عن الرجل. عوضه الله خيراً.
خاتمة:
التعرض للاحتيال المالي تجربة مؤلمة، لكنها ليست نهاية الطريق. بالتحرك السريع والإجراءات الصحيحة، يمكن للضحية أن يحمي نفسه ويستعيد حقه. والأهم هو تعزيز الوعي، لأن الوقاية خير من العلاج.
دمتم بحفظ الله..