يعتبر التقادم من المبادئ القانونية الأساسية، حيث يتم استخدامه كأداة لمنع النزاعات المستمرة، وفي هذا المقال نسلط الضوء على مفهوم التقادم في القانون المدني السعودي وأنواعه وشروطه وحالاته، بالإضافة إلى الجرائم التي لا تسقط بالتقادم في القانون السعودي.
مفهوم التقادم في القانون المدني السعودي
مفهوم التقادم في القانون المدني السعودي هو سقوط الحق في رفع دعوى قضائية أو المطالبة بحق بعد مرور مدة زمنية معينة يحددها النظام، ويهدف إلى إنهاء النزاعات على الحقوق المُهملة، والهدف منه هو تشجيع الأطراف المعنية على المطالبة بحقوقهم أو استخدامها خلال فترة زمنية معقولة، كما أن التقادم يمنع تراكم الدعاوى القديمة التي يصعب إثباتها أو الدفاع عنها بعد مرور وقت طويل.
أنواع التقادم في القانون المدني السعودي
ينقسم التقادم باختلاف طبيعة الحق وطبيعة الدعوى وأهم هذه الأنواع ما يلي:
التقادم المُسقط
وهو النوع الشائع ويعني سقوط الحق في رفع الدعوى بسبب مرور فترة زمنية معينة دون اتخاذ أي إجراء قانوني، مثل تقادم الدعوى الناشئة عن الحقوق العمالية وجاء النص عليها في المادة 234 من نظام العمل، مثال آخر وهي دعوى المدنية الواردة في نظام المعاملات المدنية، فقد نص النظام على 22 مادة نصت على مدد محددة تسقط فيها الدعوى.
التقادم المكتسب
وهو يعني اكتساب شخص ما لملكية شيء معين نتيجة تملكه أو حيازته لفترة زمنية محددة بنية التملك ووفق شروط معينة، وهذا النوع غالباً ما يتم تطبيقه على العقارات.
التقادم في الدعاوى الجنائية والمدنية
يتم تطبيق التقادم في بعض الحالات على الدعاوى الجنائية، لكن لا يعترف القانون السعودي بتقادم القصاص والحدود، أما في القضايا المدنية فيتم العمل بمفهوم التقادم في الكثير من المسائل مثل التعويضات أو المطالبات المالية والديون كما ذكرنا سلفا في نظام المعاملات المدنية.
الفرق بين السقوط والتقادم
سقوط الدعوى يعني عدم الحق في رفع أي دعوى قضائية بسبب عدم وجود حق صحيح أو أسباب قانونية إجرائية، أما التقادم فهو يعني مرور مدة زمنية معينة وفق نص نظامي دون المطالبة بالحق القانوني، وبعد مرور هذه المدة لا يحق المطالبة به قضائياً.
مدة التقادم في القانون السعودي
تختلف مدة التقادم في القانون السعودي باختلاف نوع القضية كما يلي:
- يسقط الحق في القانون التجاري (نظام المحاكم التجارية) بعد مرور خمس سنوات منذ لحظة استحقاق الحق.
- بالنسبة لمدة التقادم لنظام الشركات فهي خمس سنوات تبدأ من اختتام السنة المالية التي حدث خلالها الفعل موضوع النزاع، أو ثلاث سنوات من تاريخ زوال صفة الشخص المرتبط بالشركة، ويتم الأخذ بالمدة الأطول منهما.
- أما في نظام العمل فلا تقبل الدعاوى إذا مضت 12 شهر على انتهاء العلاقة التعاقدية ما بين العامل وصاحب العمل.
- في المنازعات الإدارية يتم تقييد المطالبة بالحقوق المنصوص عليها في المادة 13 من نظام ديوان المظالم بمدة تقادم قدرها 10 سنوات من تاريخ نشوء الحق.
- مدة التقادم في القانون الجنائي السعودي تختلف باختلاف نوع القضية الجنائية.
شروط تطبيق التقادم
لتطبيق التقادم في القانون المدني السعودي يجب توفر الشروط التالية:
- مرور المدة القانونية المحددة حسب نوع الحق.
- يجب أن تكون المدة مستمرة دون انقطاع أو تجديد.
- عدم وجود مانع شرعي كأن يكون المدعي قاصر أو يعاني من إعاقة ذهنية تحول دون المطالبة بحقه.
- عدم الاعتراف بالحق؛ فإذا اعترف المدين بحق المدعي فإن مدة التقادم تبدأ من جديد.
الجرائم التي لا تسقط بالتقادم في القانون السعودي
هناك مجموعة من الجرائم التي لا ينطبق عليها نظام التقادم مهما طالت المدة الزمنية عليها، وذلك بسبب أهمية وخطورة هذه القضايا، والحفاظ على سلامة وأمن الأشخاص في المجتمع، منها جرائم الإرهاب بكافة أنواعها فهي تُشكل تهديد مباشر على المجتمع، بالإضافة إلى الجرائم المرتبطة بالفساد الإداري أو إخفاء مصدر الحصول على الأموال أو سرقة الأموال العامة.
بالإضافة إلى جرائم المخدرات بكافة أشكالها، وسرقة الآثار أو الاتجار بها وجرائم انتحال الشخصية. فكل هذه الجرائم تعتبر خطيرة وتنتهك الخصوصية، وتشكل تهديد على أمن المجتمع بشكل عام.
اقرأ: قضايا متنوعة: جوانب متعددة تحت مظلة القانون
في الختام فإن مفهوم التقادم في القانون المدني السعودي يهدف إلى تحقيق العدالة والاستقرار في المعاملات القانونية واحترام المدة الزمنية المحددة للمطالبة بالحقوق، ومع ذلك فإن تطبيق التقادم يخضع أيضاً لعدة اعتبارات قانونية وشرعية، لذلك ينصح دائماً بالتحرك أو المطالبة بالحق القانوني في الوقت المناسب لتفادي ضياع الحقوق بالتقادم، والاستعانة بالمختصين القانونيين لتقدير الوضع العام بدقة.